من منا لا يذكر قصة بائعة الكبريت، تلك الطفلة التي ماتت هي واحلامها في البرد القارس، ليلة رأس السنة الميلادية.
تتكرر الحكاية في الواقع لا في الخيال، هناك شرقي سوريا، في ديرالزور، وقبل اعياد الميلاد بأيام قليلة.
حسين الطفل ذو العشر سنوات، كان يبيع البسكويت على ناصية الطريق في بلدة الشحيل بريف ديرالزور الشرقي، وكان ابناء عموته واصدقائه الاطفال يلعبون بالقرب منه.
بينما يقف حسين امام بسطته الصغيرة، ويصيح بصوته الناعم بسكويت ….بسكويت …. بسكويت، مرت من أمامه سيارة مسرعة، وما إن تجاوزته بقليل حتى حصل ذلك الإنفجار.
ذلك الإنتحاري من داعش، الذي كان يقود سيارته المفخخة رأى حسين ورأى الاطفال الصغار يلعبون من حوله، لكنه لم يبالي بهم، وفضّل أن يفجر سيارته رغم عدم تواجد إلا عنصراً واحداً فقط من قوات قسد، على الحاجز، الذي كان حسين يبيع البسكويت قربه.
سرعة السيارة التي كان يستقلها الإنتحاري، وحرارة الإنفجار لم تترك فرصة للطفل أن يحلم مثل بائعة الكبريت، وهو الذي عاد حديثاً الى بيته وبلدته.
لم تترك له وقت حتى يعيش طفولته، التي قضى سبعة اعوام منها كما قضاه مئات الآلاف من اقرانه تحت القصف والحرب.
ربما لم يكن لدى حسين الوقت الكافي حتى يفتح علبة البسكويت، أو أن يشعل عيدان الثقاب كما فعلت بطلة قصة بائعة الكبريت، عندما شاهدت في السماء صورة جدتها المتوفية.
لكنه من المؤكد انه شاهد صور عديدة لأطفال من عمره، وهم يقتربون منه رويداً رويدا ليطيروا به نحو السماء، في نهاية أشبه بنهاية بائعة الكبريت.
فاضت روح حسين بعد التفجير مباشرةً، وبقي اثنان من أبناء عمه الاطفال يصارعان الحياة في المستشفى، هذه الجريمة التي ارتكبها داعش ومثلها الآف الجرائم ارتكبها نظام الأسد، قتلت أحلام أطفال كُثر في سوريا وحرمتهم طفولتهم، وحرمتهم حياة سعيدة وأعياد الميلاد التي سنحتفل بها قريباً.
مقال بقلم:
عبد المعين الدندل