رامي أبو الزين-ديرالزور24
زادت معاناة المدنيين بديرالزور في الآونة الأخيرة، جراء تقطيع أوصال المحافظة باستهداف جسورها من قبل طيران التحالف الدولي لمحاربة داعش , حيث يشطر نهر الفرات المحافظة إلى شطرين شمالي وجنوبي يطلق على الشطر الشمالي (الجزيرة) وعلى الجنوبي (الشامية). يربط بين الضفتين عدة جسور على امتداد المنطقة، وباستهداف الطيران هذه الجسور خلال الشهر المنصرم وقصفها بشكل متعمد، مما أخرجها عن الخدمة كلياً , وأدى إلى فصل الضفتين عن بعضهما فصلاً كاملاً لا يربط بينهما إلا النهر .
جراء هذا الاستهداف الممنهج والمخطط للجسور التي كانت تعتبر شرايين حياة للمحافظة، تعاظمت معاناة أهالي دير الزور الذين باتوا يواجهون صعوبة بالغة في التنقل والسفر, والذين وجدوا أنفسهم أمام خيارا وحيدا على الرغم من مشقته وخطورته وهو ركوب السفن الصغيرة البسيطة -والتي تستخدم عادة في عمليات صيد الأسماك- للعبور من ضفة إلى أخرى, ونقل حاجياتهم عن طريق عبّارات مخصصة لنقل البضائع والسيارات والدراجات النارية .
يدفع الأهالي رسوم مالية لركوب هذه العبارات والسفن , تتراوح بين 100_ 7000 ليرة سورية
- الشخص الواحد 100 ليرة سورية
- الدراجة النارية 200 ليرة سورية
- السيارة 5000 – 7000 ليرة سورية
- البضائع حسب الكميات والأوزان
كل هذه المبالغ المدفوعة تضاف إلى الحالة المادية المتهالكة للفرد , في ظل انحسار مجالات العمل وتأثر الأسواق سلباً في نقص المواد وارتفاع الأسعار الباهظ, حيث عانت هذه الأسواق من ارتفاع كبير بأسعار المواد الغذائية والخبز والخضروات نتيجة لعدم توفرها بشكل كاف .
ومن جهة أخرى تسبب هذه المعابر صعوبة كبيرة في إيصال المرضى والجرحى والمصابين إلى المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية , حيث تتركز هذه المراكز والمستشفيات في الضفة الجنوبية (الشامية ) وتكاد تنعدم في الضفة الشمالية (الجزيرة ) و هو ما يعطي مؤشرا خطيراً على تفاقم الأوبئة والحالات المرضية التي تعجز عن الوصول لتلقي العلاج اللازم وبالتالي ازدياد نسبة الوفيات بين صفوف المدنيين .
ومع حلول فصل الشتاء وازدياد حاجة المدنيين لاستخدام وسائل التدفئة من خشب الأشجار والمحروقات , والتي تتركز مصادرها في الضفة الشمالية (الجزيرة ) وتنحسر بالجهة الأخرى , يترتب على الأهالي تحمل التكاليف الجديدة الناجمة عن النقل بواسطة السفن و المضافة على أسعار الوقود التي بطبيعتها غالية الثمن , حيث تبلغ أسعار المحروقات :
- 50000 ل.س لبرميل الديزل (المازوت )
- 52000 ل.س لبرميل البنزين العادي
- 70000 ل.س لبرميل البنزين ذو الجودة العالية
- 41000 ل.س لبرميل الكاز
- 40000 ل.س للطن الواحد من حطب الأشجار
- 16500 ل.س لاسطوانة الغاز الواحدة
ومع هذه الأسعار الجنونية والتي يقابلها شح في العمل والكسب اليومي، يجد أهالي دير الزور أنفسهم أمام مأساة حقيقية انعدمت فيها الخيارات والحلول , عدا أن ارتفاع منسوب نهر الفرات وفيضانه في فصل الشتاء سيشكل خطرا مباشرا على حياة المدنيين المجبرين على ركوب السفن والعبّارات, حيث تتصف بأنها غير آمنة ومعرضة بشكل كبير للغرق في مياه النهر نظرا لتصنيعها المحلي البدائي .
لا يقف الأمر عند هذا الحد من المعاناة بل يتعدى الى أكثر من ذلك , حيث أن هذه الممرات تكون عرضة وهدفا لنيران طيران التحالف،حيث استهدف الطيران في الأيام الماضية التجمعات البشرية على هذه المعابر والتي تكون عادة مكتظة مما أوقع العديد من الإصابات إضافة إلى ارتقاء شهداء بين صفوف المدنيين .
في الجهة المقابلة لمعاناة المدنيين جراء تهدم الجسور, تظهر استفادة التنظيم واستغلاله لهذا الممرات, حيث وضع يده على معظم تلك المعابر وتحكم بحركتها, مما يعود عليه بأموال تضاف إلى خزائنه , علاوة على إحكام قبضته في التحكم بالأسواق المحلية وفرض الضرائب والرسوم على البضائع المنقولة .
أما بالنسبة لتنقلات داعش, فلم يشكل قصف الجسور عائقا كبيرا أمامه , فهو يسلك الطرقات الصحراوية الخاصة به في بادية دير الزور للتنقل بين المناطق وصولا للعراق والرقة وتدمر والقلمون، ويدفع أهالي دير الزور كالعادة فاتورة الحقد الدولي المنصب على المحافظة بحجة مقاتلة تنظيم داعش , متناسين المدنيين الذين يعيشون كأسرى بيد التنظيم والذين فقدوا ويفقدون أدنى مقومات الحياة اللائقة لللإنسان .